سورة آل عمران - تفسير التفسير القرآني للقرآن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


{ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (24)}.
التفسير:
هذا التمادي في الضلال، والإعراض عن آيات اللّه، وعدم التوقف للتثبت من الحق، هو مما دخل على القوم من غرور، بسبب ما بدلوا وغيروا في دين اللّه، حتى أخذوا عن هذا الدين المحرّف أنهم شعب مختار، لهم عند اللّه فضل ومنزلة، وأن من يدخل النار من عصاتهم لن تمسّه النار إلا أياما معدودة، على حين يخلد غيره في النار ممن ليس منهم! وبهذا اجترءوا على اللّه، واستباحوا حرماته، لأنهم كما صوّر لهم دينهم الذي لعبوا فيه بأهوائهم- لا ينالهم اللّه بعذابه! وأن العصاة الغارقين منهم في العصيان لن يمسّهم عذاب اللّه إلا مسّا رفيقا.
وكذبوا وافتروا.. وقد فضحهم اللّه تعالى في قوله: {وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ} [80- 81: البقرة] وفى قوله تعالى في هذه الآية: {أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ} وفى آية البقرة {أَيَّاماً مَعْدُودَةً} هو حكاية لأقوالهم التي تختلف في أسلوبها، وإن لم تختلف في مضمونها، فكل واحد منهم له أسلوبه في التعبير عن هذا المعنى الذي تتوارد عليه ضلالاتهم.. ففريق يقول {أَيَّاماً مَعْدُودَةً}، وفريق آخر يقول {أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ} وذلك بلسانهم العبرىّ، وتلك ترجمته الصادقة الأمينة.


{فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (25)}.
التفسير:
تنتقل هذه الآية بهؤلاء المفتونين في دين اللّه، والمتألّين على اللّه ألا تمسّهم النار إلا أياما معدودات- تنتقل بهم في لمحة خاطفة إلى الدار الآخرة، حيث الحساب والجزاء، وحيث توفّى كل نفس ما كسبت من خير أو شر.
وفى هذا المشهد يرون سوء المصير الذي ينتظرهم، وأنهم قد مكروا بآيات اللّه، وخانوا أنفسهم، ووجدوا أعمالهم السيئة بين أيديهم، توزن بميزان العدل المطلق، حيث لا محاباة لأحد.. عندئذ يبدو لهم من اللّه ما لم يكونوا يحتسبون، وعندئذ يمضغون الندم، ويبتلعون الحسرة، ثم يساقون إلى عذاب جهنم، وبئس المصير!.


{قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (27)}.
التفسير:
الحسد هو الذي يفسد على كثير من الناس أمورهم، فلا يرونها على وجهها الصحيح، وإنما تبدو لهم على الوجه الذي تصوره أوهامهم وأهواؤهم.
وقد استشرى هذا الداء في بنى إسرائيل، فحسدوا أنبياءهم، الذين اصطفاهم اللّه للسفارة بينه وبين عباده، ورموهم بالكذب والبهتان، وبلغ بهم الأمر في كثير من الأحيان إلى قتلهم، شفاء لما في صدورهم من نار الحسد لهم.
وموقفهم من رسول اللّه، وخلافهم عليه، وبهتهم له، لم يكن إلا عن حسد، أعمى قلوبهم عن الحق الذي كانوا على علم به وانتظار له.
ونسى هؤلاء القوم أن نعم اللّه ونقمه إنما هى بيد مالك الملك، الحكم العدل، وأن الحسد لنعمة يلبسها اللّه عبدا من عباده، أو الشماتة في نقمه ينزلها على عبد من عباده كذلك- هو اعتراض على اللّه، ومشاركة له في تدبيره وتقديره.
أما طريق المؤمنين فهو قائم على التسليم لحكم اللّه، والرضا بقضاء اللّه {قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وفى قوله تعالى {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} إشارة إلى أن كل ما يأتى من عند اللّه هو خير، وإن بدا لنا في صورة الشر الخالص.
{وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [216: البقرة] وفى قوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} استعراض لقدرة اللّه، وعجائب تصريفه في ملكه، إذ يؤلّف بين المتناقضات.. يولج الليل في النهار، ويولج النّهار في الليل، ويستخرج من الشيء نقيضه، فيخرج الحىّ من الميت ويخرج الميت من الحىّ.. وذلك من تمام القدرة، التي لا تكون إلا للّه رب العالمين.
وفى الآية إشارة إلى ما في الآية التي قبلها من قوله تعالى {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} وأنه سبحانه قادر على أن يجعل من الخير شرا، ومن الشر خيرا.
{فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [19: النساء].
فالذى يخرج الحىّ من الميت، ويخرج الميت من الحىّ، قادر على أن يجعل من الخير شرا، ومن الشر خيرا.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10