{ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (24)}.التفسير:هذا التمادي في الضلال، والإعراض عن آيات اللّه، وعدم التوقف للتثبت من الحق، هو مما دخل على القوم من غرور، بسبب ما بدلوا وغيروا في دين اللّه، حتى أخذوا عن هذا الدين المحرّف أنهم شعب مختار، لهم عند اللّه فضل ومنزلة، وأن من يدخل النار من عصاتهم لن تمسّه النار إلا أياما معدودة، على حين يخلد غيره في النار ممن ليس منهم! وبهذا اجترءوا على اللّه، واستباحوا حرماته، لأنهم كما صوّر لهم دينهم الذي لعبوا فيه بأهوائهم- لا ينالهم اللّه بعذابه! وأن العصاة الغارقين منهم في العصيان لن يمسّهم عذاب اللّه إلا مسّا رفيقا.وكذبوا وافتروا.. وقد فضحهم اللّه تعالى في قوله: {وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ} [80- 81: البقرة] وفى قوله تعالى في هذه الآية: {أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ} وفى آية البقرة {أَيَّاماً مَعْدُودَةً} هو حكاية لأقوالهم التي تختلف في أسلوبها، وإن لم تختلف في مضمونها، فكل واحد منهم له أسلوبه في التعبير عن هذا المعنى الذي تتوارد عليه ضلالاتهم.. ففريق يقول {أَيَّاماً مَعْدُودَةً}، وفريق آخر يقول {أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ} وذلك بلسانهم العبرىّ، وتلك ترجمته الصادقة الأمينة.